السيد ناصر بوريطة: "فضاؤنا اليوم بحاجة إلى أن نعطيه مصيرا آخر".
وقد عقد هذا المنتدى برئاسة كل من السيد جوزيب بوريل، ووزيرة الخارجية الإسبانية، السيدة أرانشا غونزاليس، والأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط، السيد ناصر كمال، والممثل السامي للإتحاد الأوروبي، وحضره أيضا فيليب السادس ملك إسبانيا. وجمع هذا اللقاء رؤساء الدبلوماسية للدول الأعضاء في الاتحاد من أجل المتوسط الذين أكدوا على تشبتهم بمبادئ عملية برشلونة والتزامهم بالحوار والتعاون الأورو متوسطي.
وأكد السيد بوريطة في كلمة له بالمناسبة، أنه في سنة 1995 كانت بلدان منطقة المتوسط متحمسة من أجل "فضاء للاستقرار والازدهار المشترك"، وهو الهدف الذي سعت عملية برشلونة إلى تحقيقه، لكن بعد مرور 25 سنة يلاحظ أن الهدف لم يتحقق بعد بشكل كامل.
وأشار السيد بوريطة خلال هذا المنتدى، المنظم بمناسبة الذكرى ال25 لإطلاق عملية برشلونة، إلى أن ذلك "لا يعني أن عملية برشلونة قد فشلت لكنها قطعت في مسارها نفس عدد الخطوات إلى الأمام كما إلى الخلف"، مضيفا "لذلك ليس من المستغرب أن يكون مسارها مشوبا بالمفارقات".
وفي نفس السياق، توقف السيد بوريطة عند المفارقة الاقتصادية، حيث أكد أن الشراكة الأورو-متوسطية نجحت في جعل منطقة البحر الأبيض المتوسط سوقا تضم حوالي 800 مليون مستهلك، كما ضاعفت حجم التبادلات خلال 25 عاما. مسجلا في المقابل غياب التكامل الاقتصادي للمنطقة، حيث أن 90 في المائة من التبادلات تتم داخل الاتحاد الأوروبي، مقابل 9 في المائة فقط بين الشمال والجنوب.
وذكر السيد الوزير إلى أن بلدان الشمال والجنوب استفادت من اتفاقيات التجارة الحرة، ولكن بدلا من سد الفجوة مع الشمال ساهمت بشكل متناقض في توسيعها. مبرزا أن العجز التجاري للجنوب مع الاتحاد الأوروبي بلغ سبعة ملايير أورو سنة 2008، قبل أن يبلغ ذروته عند أكثر من 70 مليار أورو في عام 2018.
وشدد السيد الوزير، بهذا الخصوص، على أن التنمية المشتركة تعتبر قضية أساسية حيث لا ينبغي أن يقتصر الفارق التنموي بين الشمال والجنوب على ملاحظة حزينة، بل يجب أن يكون شعارا ل"سياسة التماسك المتوسطي" تكون قادرة على تقريب السياسات الوطنية نحو "منطقة الرخاء المشترك".
وبالنسبة للسيد الوزير، فإن وجود آلية مالية خاصة بالتنمية المشتركة يعتبر أمرا ضروريا، "تستخدم لتطوير البنى التحتية ولتطوير الفضاء الأورو -المتوسطي من نموذج تجاري إلى نموذج منتج".
أما بخصوص المفارقة السياسية، أعرب السيد الوزيرعن قلقه إزاء "الطابع السياسي" الذي اتخذته المنظمة، مشيرا إلى أنها المنظمة الوحيدة في العالم التي تحمل "المتوسط" في اسمها (الاتحاد من أجل المتوسط) ولا تتناول المواضيع الرئيسية للبحر الأبيض المتوسط.
وتابع متسائلا لماذا لم تتم مناقشة مسألة تدبير جائحة كوفيد 19 داخل المنظمة، رغم كون البحر الأبيض المتوسط بؤرة للوباء.
وأوضح السيد الوزير أنه "لا يمكننا خلق فضاء سياسي ثم تفكيكه" مسجلا أن "الحماية المفرطة لعملية برشلونة تسببت في إضعافها" مستنكرا إبعادها عن الواجهة.
وفي حديثه عن الشق الإنساني، دعا السيد بوريطة إلى إعادة ابتكار "الشراكة الاجتماعية والثقافية والإنسانية"، لكونها من بين أهم ركائز عملية برشلونة القادرة على كسب قلوب المواطنين.
كما دعا الوزير إلى تجاوز منطق الاحتواء، وإحياء هدف التقارب والتفاهم بين الشعوب، كما هو منصوص عليه في إعلان برشلونة.
وفي ما يتعلق بالحكامة، أكد السيد بوريطة على ضرورة تقليص التفاوت بين الشمال والجنوب لصالح مزيد من التمكين. مضيفا أن مسؤولية دول الجنوب تكمن في المشاركة بفاعلية بما في ذلك تمويل الاتحاد من أجل المتوسط، حيث أن عملية برشلونة لا يمكن أن تظل مسؤوليتها حصريا على المفوضية الأوروبية فقط.
وبعد أن ذكر بأن صاحب الجلالة الملك محمد السادس أكد في رسالته الموجهة إلى مؤتمر الأطراف الثاني لدول المتوسط حول التغيرات المناخية أن "مصير منطقتنا لا محالة هو المصير الذي سنختاره لها دون سواه". ختم السيد ناصر بوريطة كلمته بالتأكيد على "أن فضاءنا يحتاج منا اليوم منحه مصيرا آخر"، وذلك من خلال "العودة إلى الأساسيات بطموح وبرؤية متجددة".