السيد ناصر بوريطة يستقبل نظيره الإسرائيلي
وأكد السيد ناصر بوريطة خلال ندوة صحفية مشتركة مع نظيره الإسرائيلي عقب مباحثات أجرياها، أن زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي، السيد يائير لبيد إلى المغرب هي "ترجمة لالتزام مشترك للمضي قدما في إعطاء مضمون ملموس للعلاقات الثنائية بالارتكاز على آليات تعاون مرنة وفعالة".
وأبرز السيد الوزير الدينامية الإيجابية بين البلدين منذ التوقيع في دجنبر الماضي على الاتفاق الثلاثي (المغرب وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية)، مع تشكيل خمسة فرق عمل تغطي قطاعات واعدة، من قبيل البحث والابتكار والسياحة والطيران والفلاحة والطاقة والبيئة والتجارة والاستثمار.
وأضاف السيد بوريطة أن "علاقتنا، وكما يؤكد على ذلك جلالة الملك، تستمد قوتها من الأواصر المتينة والخاصة التي تربط الجالية اليهودية من أصل مغربي بالمملكة المغربية، والروابط الخاصة التي تجمع تلك الجالية اليهودية، بمن فيهم الموجودون في إسرائيل، بشخص جلالة الملك"، مسجلا أنه "على هذا الأساس، كانت لنا مباحثات معمقة ومستفيضة حول مجمل القضايا الثنائية والإقليمية".
كما يمثل استئناف هذه العلاقات، يضيف السيد الوزير، "تعبيرا عن إرادة واقتناع، عبر عنهما صاحب الجلالة، نصره الله، الذي أبى إلا أن يرأس شخصيا في شهر دجنبر الماضي حفل التوقيع على الاتفاق الثلاثي (المغرب وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية) والذي وضع أسس العلاقات الثنائية التي نسهر على بنائها".
وأشار السيد بوريطة إلى أن علاقة المغرب بإسرائيل تتسم ب"سياق مميز يتمثل في كون الرافد العبري مكرس في دستور المملكة كأحد الروافد التي تغني وتثري الهوية المغربية المتنوعة".
وفي هذا السياق، أكد السيد الوزير أن اليهود المغاربة "عاشوا ولازالوا يعيشون في المغرب مع إخوانهم المسلمين كمغاربة في ظل رعاية والتزام جلالة الملك تجاه المواطنين كيفما كانت ديانتهم".
من جهة أخرى، أشار السيد الوزير إلى وجود آفاق واعدة للتعاون بين البلدين، مبرزا أنه تباحث مع نظيره الإسرائيلي حول السبل الكفيلة بتطوير هذه الآفاق وتعزيزها على المستوى المؤسساتي وعلى مستوى القطاع الخاص.
وتابع بالقول "كما نطمح، كذلك، إلى إغناء علاقتنا بالبعد الإنساني الذي كان أحد تجلياته، أخيرا، تسيير رحلات جوية بين البلدين، وما صاحب ذلك من حماس لدى الإسرائيليين من أصول مغربية واعتزازهم بشخص جلالة الملك".
وبخصوص الوضع المتوتر في الشرق الأوسط، أكد السيد بوريطة لنظيره الإسرائيلي أهمية الاستمرار في تثبيت التهدئة عقب أحداث الأحد عشر يوما في شهر ماي المنصرم، موضحا أن التوتر والاحتقان "يستفيد منهما دعاة التطرف والكراهية البغيضة لنشر أجندتهم الخبيثة".
وأضاف السيد الوزير أنه تم التطرق كذلك لآفاق السلام، مشيرا إلى أن "جلالة الملك، وفي مناسبات مختلفة، يؤكد ضرورة الخروج من حالة الجمود والاستعصاء لاستئناف المفاوضات باعتبارها السبيل الوحيد للتوصل إلى حل نهائي ودائم وشامل على أساس حل الدولتين لشعبين، يعيشان جنبا إلى جنب في أمن وسلام".
وأشار السيد بوريطة إلى أن جلالة الملك، بصفته رئيسا للجنة القدس، "يؤكد دائما على الحفاظ على الطابع الخاص والفريد للمدينة باعتبارها تراثا مشتركا للإنسانية ولها رمزية كبيرة وحمولة روحية بالنسبة لأتباع الديانات الثلاث".
كما أكد أن إعادة بناء الثقة والحفاظ على الهدوء والإحجام عن كل ما من شأنه تأجيج التوتر، "عوامل أساسية لابد منها، لفتح أفق سياسي للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي والحفاظ على حل الدولتين باعتباره الحل الوحيد الذي يكفل ويضمن الأمن والاستقرار للجميع".
ومن جانبه، قال وزير الشؤون الخارجية الإسرائيلي، السيد يائير لبيد إن اتفاقات التعاون الثلاث التي تم توقيعها بين المغرب وإسرائيل، ستجلب فرصا مبتكرة وواعدة تعود بالنفع على البلدين وكذلك على الأجيال القادمة.
وأكد السيد لبيد، بمناسبة التوقيع على هذه الاتفاقات أنه "اليوم، نحن لسنا فقط سياسيين جيدين، بل وآباء جيدين أيضا. فاليوم، نعمل من أجل عالم أكثر أمانا لأطفالنا. إننا نلقنهم درسا حول قوة الأمل".
وبعد أن أعرب عن امتنانه لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، "الذي مكنتنا رؤيته وشجاعته من الالتقاء اليوم هنا"، أكد رئيس الدبلوماسية الإسرائيلية على ضرورة زرع الأمل لتجاوز الأحقاد الموروثة عن الماضي.
وأكد السيد لبيد أن زيارته للمغرب، مسقط رأس جالية يهودية مهمة تعود أصولها إلى القرن الثاني قبل الميلاد، تندرج في إطار رؤية مستقبلية قوامها فضائل الصداقة والتعاون، خاصة في مجالات السياحة والاقتصاد والتجارة والتبادل الثقافي.
وأشار في هذا الصدد إلى أن "المعارك الوحيدة التي يجب أن نخوضها، ليست تلك التي تكون ضد جيراننا أو ضد شعوب تختلف صلاتهم عن صلاتنا، وإنما تلك التي نواجه فيها الفقر والجهل والأوبئة والأمراض".
وبعد أن اعتبر أن الأمم والشعوب تقاس بقدرتها على أخذ معاناة الآخرين وآمالهم وتطلعاتهم للتغييرفي الاعتبار، أكد السيد لبيد بأن العالم أصبح صغيرا جدا نتيجة تكنولوجيات الاتصال الحديثة التي "باتت تغير الطريقة التي نفكر بها".
وتابع بالقول "من هذا التغيير، يبرز نوعان من الدول: تلك التي تفضل التعاون والتحالفات، وتلك التي تميل أكثر إلى العمل لوحدها"، مضيفا "هناك من يدركون كيف يتكيفون ويكونون قادرين على المنافسة، وهناك من يحاولون عزل أنفسهم. وسيكتشفون أنهم سيتخلفون عن الركب".