المغرب-الأمم المتحدة: توقيع إطار الأمم المتحدة للتعاون من أجل التنمية المستدامة (2023 -2027)
ويمثل هذا الإطار الأداة المرجعية لتخطيط ومتابعة تنفيذ أنشطة منظومة الأمم المتحدة الإنمائية بالمغرب لإنجاز أهداف التنمية المستدامة في أفق 2030.
ويعتبر هذا الإطار، الذي تم إعداده بشكل مشترك بين الحكومة المغربية وجهاز الأمم المتحدة الإنمائي، ثمرة للمشاورات التي أجرتها وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ومكتب المنسق المقيم مع القطاعات الوزارية والمؤسسات الوطنية، والمجتمع المدني والقطاع الخاص والوسط الأكاديمي وشركاء المملكة الاجتماعيين والتقنيين، وكذا الماليين.
وتقدم هذه الوثيقة الأولويات والتدخلات الاستراتيجية لوكالات وهيئات الأمم المتحدة، المتفق عليها بشكل ثنائي مع الحكومة المغربية، لدعم السياسات الوطنية ومبادرات الشركاء السالف ذكرهم.
وتم إعداد إطار التعاون هذا في سياق اتسم بالرغبة في مراجعة النموذج التنموي المغربي، بقيادة جلالة الملك محمد السادس، لا سيما في ما يتعلق بمواجهة جائحة "كوفيد-19" وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية.
وتتسم التوجهات الاستراتيجية الأربعة المنبثقة عن هذا الإطار بالمواءمة مع الأهداف التحويلية للنموذج التنموي الجديد، فضلا عن ضرورة إعادة البناء بشكل أفضل، وعدم إغفال أي أحد.
ويمثل هذا التوقيع دخول الدورة الخامسة للتعاون من أجل التنمية بين الحكومة المغربية ومنظومة الأمم المتحدة، التي تستمر خمس سنوات، حيز التنفيذ الفعلي.
وتمهد هذه المرحلة الطريق أمام تنفيذ إطار التعاون، من خلال أنشطتها لتعبئة الموارد وتنفيذ البرامج المخطط لها ومواكبتها وتقييمها.
عرف هذا اللقاء حضور ممثلين عن المؤسسات والمنظمات التي شاركت في ورشة العمل الوطنية لإعداد إطار عمل الأمم المتحدة للتعاون من أجل التنمية المستدامة (نونبر ودجنبر 2021)، بما في ذلك القطاعات الوزارية والمؤسسات الوطنية الأخرى والقطاع الخاص والمجتمع المدني.
ويمثل إطار الأمم المتحدة للتعاون من أجل التنمية المستدامة الأداة المرجعية لتخطيط ومتابعة برمجة أنشطة منظومة الأمم المتحدة الإنمائية بالمغرب لإنجاز أهداف التنمية المستدامة في أفق 2030.
ويرتكز إطار الأمم المتحدة للتعاون من أجل التنمية المستدامة 2023-2027، الذي تم إعداده بشراكة مع الحكومة المغربية، على أربعة محاور استراتيجية تتماشى مع الأهداف التحويلية للنموذج التنموي الجديد للمغرب، ومع أهداف التنمية المستدامة :
1 - التحول الاقتصادي الشامل والمستدام
- تعزيز تكامل أفضل بين القطاعات الإنتاجية في سلاسل القيمة، لا سيما للتصدير، مع ضمان الارتقاء بجودة الإنتاج، بما يتوافق مع معايير العمل الدولية والمعايير البيئية.
- المساهمة في تنشيط منظومة الأعمال، لا سيما من خلال دعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة والمؤسسات الاجتماعية والتضامنية، مما يسمح بتسريع اندماج القطاع غير الرسمي وخلق فرص عمل لائقة، لا سيما للنساء والشباب.
- دعم جهود التحول البيئي وجهود النهوض باقتصاد دائري ومنخفض الكربون.
- الاستثمار في الابتكار وتطوير قدرات البحث والتطوير.
2 - تنمية الرأسمال البشري
- دعم جهود الحكومة لضمان الوصول العادل والمستدام والجيد إلى التعليم والصحة والثقافة، في جميع الأعمار، بما في ذلك الفئات الأكثر ضعفا.
- تعزيز الرؤية الشاملة والمتكاملة للصحة في جميع السياسات العمومية ذات الصلة، واستخلاص الدروس والعبر من جائحة كوفيد-19 لإصلاح النظام الصحي.
- دعم جهود تقوية الأداء التعليمي، من مرحلة التعليم الأولى إلى الجامعة ومرورا بالمهارات الحياتية، في جميع مراحل المسار التعليمي وفي جميع الأعمار، لتمكين كل فرد من تحقيقه كوامنه بشكل كامل.
- تعزيز الثقافة كمحفز للتنمية المستدامة ووسيلة للرفاه والتماسك الاجتماعي.
3- الإدماج والحياة الاجتماعية
- دعم تعميم آليات وخدمات الحماية الاجتماعية بهدف تعزيز مرونة الأسر والسكان الأكثر هشاشة، وضمان التغطية الاجتماعية والطبية الأساسية لجميع السكان، بما في ذلك من خلال تعزيز حكامتها واستدامة تمويلها.
- جعل تحول النافذة الديموغرافية الجاري في المغرب مصدر قوة فعلي من خلال تعزيز إدماج الشباب، حتى يتمكنوا من تحقيق كامل إمكاناتهم كأعضاء منتجين في المجتمع.
- تعزيز مشاركة النساء والفتيات وتمكينهن، ولا سيما الأكثر هشاشة، وتقوية التدابير الرامية إلى حمايتهن من جميع أشكال التمييز والعنف.
- تعزيز الإدماج الاجتماعي وحماية الفئات، الأكثر هشاشة من التهميش والإقصاء.
- سد الفجوة في الوصول إلى الخدمات الاجتماعية الأساسية بين العالمين الحضري والقروي من أجل الحد من التفاوتات ذات الصلة.
4 - الحكامة والمرونة والتنمية المحلية
- مواءمة الأطر القانونية مع الدستور والالتزامات التي تعهد بها المغرب ودعم تنفيذها، لاسيما من خلال إصلاح النظام القضائي، بهدف تعزيز البيئة المواتية لممارسة حقوق الإنسان.
- دعم المؤسسات الوطنية في تنفيذ استراتيجيات النهوض بحقوق الإنسان وحمايتها، وكذلك في إعداد التقارير وعمليات الرصد والتقييم في هذا المجال.
- تعزيز عملية إصلاح الإدارة من خلال النهوض بالحكامة الرشيدة والشفافية وتسريع الرقمنة.
- دعم انسجام وفعالية وكفاءة السياسات العمومية على المستوى الوطني، فضلا عن تكاملها على المستويين المحلي والإقليمي، لا سيما من خلال إنتاج البيانات المتعلقة برصد أهداف التنمية المستدامة والوصول إليها واستخدامها وقابلية التشغيل البيني لها، ولا سيما على مستوى جهات المملكة المغربية وأقاليمها.
- المساهمة في بناء القدرات على مستويات الإدارة المركزية والمصالح اللامركزية والسلطات المحلية والقطاع الخاص والمجتمع المدني والعالم الأكاديمي، في إطار التكامل والديمقراطية التشاركية التي توفرها الجهوية المتقدمة.
- دعم المبادرات لتعزيز ظهور المنظومات المحلية على اعتبارها من عوامل التنويع الاقتصادي وتعزيز القدرة على الصمود، في المناطق القروية وفي المدن الصغيرة والمتوسطة.
وأوضح السيد بوريطة، في كلمة بمناسبة مراسيم توقيع هذا الإطار الجديد، أنه يعد برنامجا طموحا يتماشى مع الأولويات الوطنية في مجال التنمية، مبرزا أنه يتوافق بشكل مثالي مع محاور وأهداف النموذج التنموي الجديد الذي يتوخاه جلالة الملك، وكذا مع الاستراتيجيات والبرامج التنموية القطاعية. مؤكدا أن هذا الأخير "يعكس رغبة المغرب في بلورة التزاماته الدولية كما وردت في أجندة 2030 للتنمية المستدامة"، مشيرا إلى أنه يولي مكانة هامة للمجالات، التي تحتاج بالضرورة إلى جهود إضافية لرفع تحديات أهداف التنمية المستدامة.
وبعد أن أبرز أن المغرب يسير على الطريق الصحيح لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، أوضح الوزير أن هذا الإطار يندرج ضمن الجيل الجديد من آليات التعاون المنبثقة عن إصلاح منظومة الأمم المتحدة للتنمية، مضيفا أنه يمثل تتويجا لمسلسل من الحوار والتحضير الشفاف والشامل، والذي يرتبط بجميع مكونات منظومة الأمم المتحدة للتنمية، والقطاعات الوزارية المختلفة، والمؤسسات الوطنية المعنية، وكذا المجتمع المدني، بخصوص أولويات العمل المشتركة.
وتابع السيد بوريطة أن المغرب، وفقا للتعليمات السامية لجلالة الملك، على استعداد لتقاسم خبراته وتعلم الممارسات الفضلى، معتبرا أنه بفضل شبكتها العالمية، تستطيع المنظومة الأممية أن تكون عاملا للتيسير والمواكبة.
وفي هذا السياق، رحب الوزير بتوقيع هذا الإطار الجديد الذي يجسد الانطلاقة الرسمية لمرحلة جديدة في الشراكة بين المغرب ومنظمة الأمم المتحدة للتنمية، مشيرا إلى أنه يتيح الفرصة لتعميق التعاون بين المملكة ومنظومة الأمم المتحدة للتنمية، والمساهمة في الأوراش التنموية المغربية من خلال التكيف مع القضايا الجديدة والمستجدة.
وفي هذا الصدد، أشار إلى أن إطار التعاون الجديد يمثل خارطة طريق مشتركة، تؤطر دعم الأمم المتحدة لجهود المغرب التنموية، مبرزا أنه إذا كان إعداد هذا الإطار جزءا يندرج ضمن منهجية شاملة وتشاركية، فإن تنفيذه وتقييمه يقتضي نفس المتطلبات من حيث الشمولية والشفافية والالتزام.
وفي ما يتعلق بتحقيق أهداف هذا الإطار الجديد، تطرق السيد بوريطة إلى بعض المتطلبات الأساسية، لا سيما التزام الجميع بإعادة تموقع فريق الأمم المتحدة القطري لتقديم الدعم الموجه والملائم، في إطار شراكة قائمة على التشاور والشفافية، وبتنسيق وثيق مع وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، بصفتها المنسق الوطني مع المنظومة الأممية.
كما سلط الضوء على البحث عن القيمة المضافة على مستوى الابتكار، ومشاريع التعاون الواعدة والمبتكرة ذات التأثير الممنهج والتي لها تأثير واضح وملموس، مستحضرا تجربة مختبرات تسريع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بهدف دعم مقاربات جديدة لتقديم حلول مبتكرة تتناسب مع التحديات التنموية الكبرى.
وشدد الوزير على أهمية تعبئة شراكات متعددة الجهات والقطاعات، مؤكدا على أهمية اتخاذ تدابير ملموسة لتعزيز الشراكات الواعدة ذات الأهداف القابلة للتحقيق والقياس.
وأبرز في السياق ذاته الحاجة إلى الاستثمار في التعاون جنوب – جنوب وثلاثي الأطراف كأولوية استراتيجية، لدعم التكامل الإقليمي والتنمية في إفريقيا، مشيرا إلى أن المغرب طور سياسة تعاون ترتكز على مشاريع مهيكلة واسعة النطاق، وتخلق الثروة والنمو ولها تأثير إيجابي على الاستقرار والسلام في القارة.
وذكر بأن إطار التعاون هذا، والذي تم إعداده في سياق متسم بالأزمات المتعددة التي أثرت على المغرب على غرار جميع البلدان، ينبغي أن يكون بمثابة آلية لتعبئة وتوحيد جهود العديد من الفاعلين لدعم سياسات التعافي والانتعاش الحكومية، مؤكدا على الدور المركزي لتموقع جيد لفريق الأمم المتحدة القطري بالمغرب ليكون قادرا على دعم مسار الإقلاع الذي اختارت المملكة تعزيزه بأفكار جديدة ومشاريع مبتكرة. وخلص إلى أن "أهمية عمل وكالات الأمم المتحدة في مجال التنمية تعتمد بشكل كبير على ذلك".